تحت ظلال هذه الأعمدة البيضاء، كانت ضحكات الأطفال تتعالى، كأنها عصافير فرحة تتراقص فوق زرقة الأطلسي. كانت هذه البيرغولا ليست مجرد هيكل معماري، بل جزء من روح المدينة، حاضنةً لأحلام صغيرة ولذكريات ثمينة لأجيال تعاقبت. كانت تشهد همسات الأصدقاء وابتسامات العائلات، وتختزن في تفاصيلها قصصًا لا تحكى إلا بين أروقتها.
واليوم، رحلت هذه البيرغولا، مُحيت من المكان، كأن جزءًا من الذاكرة قد تم انتزاعه، تاركًا فراغًا في القلب قبل المكان. هكذا يغيب الكثير من تراثنا المعماري الجميل، ومعه تختفي ملامح هويتنا وذكرياتنا الجماعية. كلما فقدنا معلمًا من معالم مدينتنا، كأننا نفقد قطعةً منا، قطعةً من ماضينا، من ذاكرتنا، ومن هويتنا.
لذلك، علينا أن نسأل أنفسنا: إلى أي مدى نحن قادرون على الحفاظ على هويتنا وتراثنا؟ وكيف سنروي للأجيال القادمة حكايات أماكن لم تعد موجودة؟ إن الحفاظ على هذه الأماكن ليس مجرد حفاظ على حجارة وأعمدة، بل حفاظ على ذاكرة وهوية وروح مجتمع بأكمله.
فلنتذكر دائمًا: المكان الذي يحتضن ذكرياتنا يستحق أن يُحفظ كما تُحفظ الذكريات.