dimanche 6 juillet 2025
vendredi 4 juillet 2025
Le capital naturel de Larache
المؤهّلات الطبيعيّة لمدينة العرائش: قراءة جيومورفولوجيّة وإيكولوجيّة في آفاق التنمية الاقتصاديّة والسياحيّة والاجتماعيّة
مقدّمة
تقع مدينة العرائش في أقصى الشمال الغربي للمغرب عند مصب وادي لوكوس على ساحل المحيط الأطلسي. وهبها هذا الموقع الجغرافي الفريد طبيعة غنيّة ومتنوّعة، تمزج بين البيئة النهرية والساحلية. تزخر العرائش بمقوّمات طبيعيّة عديدة تشمل نهرًا كبيرًا وسهولًا فيضيّة خصبة، وشريطًا ساحليًا ذو شواطئ رمليّة ذهبيّة وكثبان متنقلة، بالإضافة لغابات ساحلية وأراضٍ رطبة مجاورة. تشكّل هذه الثروة الطبيعيّة أساسًا لرأسمال طبيعي يمكن أن يكون رافعة للتنمية الاقتصادية والسياحية والاجتماعية المحلية بشكل مستدام. مع ذلك، تواجه المدينة تحدّيات بيئية وإدارية تهدّد استدامة هذا الرأسمال الطبيعي (مثل التلوّث وتآكل السواحل وضعف الحكامة). وعليه تبرز إشكالية البحث: إلى أي حد تُمكّن الخصائص الطبيعيّة الفريدة للعرائش من تحقيق إقلاع اقتصادي وسياحي عادل اجتماعيًا؟ وما الشروط الضرورية لتحويل هذه الخصائص إلى رأسمال تنموي مستدام؟
تهدف هذه الدراسة إلى جرد وتحليل مؤهّلات العرائش الطبيعية (جيومورفولوجيًا وإيكولوجيًا)، وتقييم كيفية مساهمتها في الاقتصاد والسياحة والنسيج الاجتماعي حاليًا، وتشخيص المعيقات التي تحدّ من استثمارها الأمثل. كما تقترح الرؤية الاستراتيجية برامج قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لاستثمار مستدام لهذه الموارد، انسجامًا مع الأجندات التنموية الوطنيّة (مثل رؤية السياحة 2030، وإستراتيجية الفلاحة “الجيل الأخضر 2020-2030”، ومبادرات الاقتصاد الأزرق). تأتي أهمية البحث من الحاجة الماسّة لتبنّي منهج تنموي جديد في المناطق الساحلية المغربية يقوم على التنمية المستدامة واستغلال الرأسمال الطبيعي بشكل عادل ومتوازن.
الإطار النظري والمفاهيمي
تستند الدراسة إلى عدّة مفاهيم محورية. أولها الرأسمال الطبيعي الذي يُقصد به مخزون الموارد الطبيعيّة (التربة والمياه والهواء والأحياء وغيرها) الذي يزوّد المجتمع بخدمات بيئيّة واقتصادية. فالمنظومات البيئيّة في العرائش (النهر والساحل والغابات مثلًا) تمثّل رأس مال يمكن استثماره لتحقيق تدفّقات من المنافع كالصيد والزراعة والسياحة إذا أُحسن تدبيره. ثانيًا مفهوم التنمية المستدامة الذي يعني تلبية حاجيات الحاضر دون الإخلال بحقوق الأجيال القادمة، وذلك عبر موازنة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. في هذا السياق، يبرز مفهوم الاقتصاد الأزرق كإستراتيجية جديدة للمغرب تقوم على الإدارة المستدامة للموارد البحريّة والساحليّة بهدف تحقيق نمو اقتصادي يشمل قطاعات الصيد وتربية الأحياء المائيّة والسياحة البحريّة والطاقات البحريّة المتجددة وغيرها، مع صون النظم البيئية البحرية. كذلك يُعدّ السياحة الإيكولوجيّة (البيئيّة) جزءًا من هذا التوجّه، وهي السياحة القائمة على زيارة المواقع الطبيعيّة بشكل مسؤول يضمن حماية البيئة ويعود بالنفع على المجتمعات المحليّة. وأخيرًا مفهوم التنمية المحلّية العادلة اجتماعيًا الذي يتطلّب توزيعًا متوازنًا لعوائد التنمية وخلق فرص عمل وتقوية الهوية الثقافية والمشاركة المجتمعية.
هذه المفاهيم ستؤطر قراءتنا لموارد العرائش الطبيعيّة: سنعتبرها رأسمالًا طبيعيًا ينبغي توظيفه ضمن رؤية اقتصاد أزرق محلي لتحقيق تنمية مستدامة، مع التركيز على السياحة البيئية والزراعة والصيد التقليدي كدعائم، وضمان أن ثمار ذلك تعود بعدالة على السكان المحليين.
الخصائص الطبيعيّة لمدينة العرائش
الموقع الجغرافي والتضاريس
تقع مدينة العرائش على الضفة الجنوبيّة لمصب وادي لوكوس، على بُعد حوالي 80 كم جنوب غرب طنجة. ينبع وادي لوكوس من مرتفعات سلسلة الريف ويصب في المحيط الأطلسي عند العرائش مشكّلًا مصبًّا مصبغيًا واسعًا. هذه المنطقة المصبيّة منبسطة جيومورفولوجيًا، إذ تتكوّن من سهول فيضيّة رسوبية شكّلها النهر عبر الزمن. ترتفع المدينة قليلًا فوق مستوى النهر على هضبة ساحلية، حيث بُنيت المدينة العتيقة (المدينة القديمة) على تلة منخفضة قرب الضفة. يحيط بالمدينة من الجنوب والشرق انتشار سهلي غني بالغرينيّات، في حين يمتد شمالًا عبر مصب الوادي شبه جزيرة رمليّة طويلة تُعرف محليًا بـ“رأس الرمل”، تفصل بين المصب والبحر. هذه الرقعة الرمليّة تتخلّلها كثبان رمليّة ذهبية اللون، بعضها متنقل تحت تأثير الرياح البحريّة. يوفر هذا التنوع التضاريسي مزيجًا فريدًا: نهر عريض هادئ، وسهل خصب منخفض، وشريط ساحلي رملي ذي كثبان، وهضاب صغيرة تكسوها الغابات الساحلية.
المناخ والموارد المائيّة
يخيّم على العرائش مناخ متوسطي محيطي معتدل بمواصفات ساحلية. الصيف حار نسبيا ومشمس، والشتاء ممطر ومعتدل. يبلغ متوسط الهطول المطري السنوي حوالي 650 ملم مع تركز الأمطار في شهور الشتاء، ما يجعل المنطقة من أغزر مناطق المغرب مطرًا. هذه الوفرة النسبيّة للأمطار إلى جانب شبكات الأودية (خصوصًا حوض لوكوس الواسع) منحت الإقليم موارد مائية مهمّة. فبالإضافة لوادي لوكوس، هناك عدة روافد موسمية وعيون مياه جوفية تنتشر بالسهل. وقد أقيمت سدود كبيرة للتحكّم في هذه الموارد، أبرزها سد وادي المخازن (قرب القصر الكبير) وسد دار خروفة الحديث بمحافظة العرائش. سد دار خروفة (بطاقة تخزين 480 مليون م³) اكتمل في 2019 تقريبًا، ويهدف لريّ حوالي 21 ألف هكتار من الأراضي الفلاحيّة وضبط الفيضانات. يساهم السد الآن في حماية سهول لوكوس من خطر الفيضانات وتوفير ماء الري للزراعة وشرب المراكز القرويّة المجاورة. رغم ذلك لا تزال بعض الفيضانات الشتوية تحدث في السهول المنخفضة عند فيضان الوادي، خاصة قبل تشغيل السدود الكبرى. أما المياه الجوفية في السهل الساحلي فتعد مهمة أيضًا، لكنها معرضة للتملّح قرب الساحل بسبب تداخل ماء البحر.
الشريط الساحلي وشواطئ العرائش
تمتد واجهة العرائش الأطلسية بشكل رئيسي شمال مصب الوادي، حيث يتشكل شاطئ “رأس الرمل” الذي يُعد المتنفس البحري الأكبر لسكان المدينة. يتميّز هذا الشاطئ برماله الذهبية الناعمة وكثبانه الساحلية الممتدة بطول نحو 10 كم. خلف الشاطئ مباشرة تنتصب كثبان رملية مرتفعة نسبيا تكسوها نباتات شوكيّة وعشبيّة متكيّفة مع البيئة الساحلية (مثل شوك الرمال). يمنح هذا المشهد الساحلي بانوراما خلابة تجمع بين زرقة مياه الأطلسي وخضرة المدينة في الخلفية. ويشتهر الشاطئ كذلك بمياه سباحة نظيفة (نسبياً) بفضل التيارات البحرية القوية. إلى جانب رأس الرمل، يوجد جنوب المصب شاطئ أصغر قرب المدينة القديمة، لكن تقل أهميّته مقارنة بالشريط الشمالي. يُذكر أن هذا الساحل الأطلسي يتعرّض كغيره من سواحل المغرب لظاهرة تآكل الشواطئ بفعل الأمواج والتيارات البحرية. أظهرت دراسات حديثة أن نحو 38% من ساحل الأطلسي المغربي يشهد تراجعًا مستمرًا، وتُعتبر العرائش من المناطق التي سُجّل فيها تآكل ملحوظ بسبب جرف الرمال والاستغلال البشري. يُلاحظ تقلّص بعض أجزاء شاطئ رأس الرمل وانحسار الكثبان تدريجيًا، مما يستدعي إجراءات لحماية هذا المورد السياحي الطبيعي (كتغذية الشواطئ بالرمال أو وقف استخراج الرمال الجائر).
الغابات الساحلية والتنوّع الحيوي البري
تتمتع العرائش وحوض لوكوس بوجود غطاء غابوي هام، يشمل أنواعًا متنوّعة من الأشجار المتأقلمة مع التربة الرملية والمناخ الرطب. من أبرز التشكيلات الغابوية غابة “لايبيكا” (تعرف أيضًا باسم غابة بيبيرو) الواقعة قرب المدينة. وهي غابة تاريخية من أشجار الصنوبر الحلبي، غرست أجزاء منها في الحقبة الاستعمارية الإسبانية لصد تأثير الرياح البحرية ولتكون متنزهًا. لعبت هذه الغابة دورًا صحياً بفضل إنتاج الأكسجين والتخفيف من رطوبة البحر، وتعد الآن متنفسًا لسكان المدينة لممارسة الرياضة والترفيه. على طول ضفة وادي لوكوس جنوبًا، تنتشر غابة طبيعية تسمى محليًا غابة “الصفصاف” تمتد على مساحة تقارب 3800 هكتار وبطول 15 كم. تغلب على هذه الغابة أشجار الصفصاف (السالكس) والآس وأنواع أخرى محلية، وتشكّل مشهدًا أخضر ممتدًا على ضفاف النهر والسهول المجاورة. تتميز غابة الصفصاف بجمال مناظرها وتنوّع أشجارها الباسقة، وتوفّر موئلًا للحياة البرية كالطيور المائية المهاجرة وبعض الثدييات الصغيرة. إضافة لذلك، تغطي أجزاء من الهضاب القريبة بعض أشجار البلوط الفلّيني وأشجار مثمرة بريّة كالزيتون البري والخروب. هذا التنوع الغابوي يشكل موئلًا مهمًا لكثير من الأنواع الحيوانية: ففي محيط العرائش سجل وجود للخنزير البري وللأرانب البرية والقنافذ، فضلاً عن الزواحف المختلفة. أما الطيور البرّية فعديدة تشمل الحجل وأنواع الحمام البري والصقور التي تجد في الجروف الساحلية ملاذًا.
الأراضي الرطبة والمناطق المحميّة المجاورة
بالقرب من العرائش، يوجد موقع بيئي ذو شهرة عالمية هو محمية “المرجة الزرقاء” (Merja Zerga) الواقعة على بعد حوالي 30 كلم جنوب المدينة (قرب مولاي بوسلهام). المرجة الزرقاء هي بحيرة ساحلية طبيعية واتساعها حوالي 11,420 هكتار، منها 7,300 هكتار مصنّفة كمحمية بيولوجيّة منذ 1978. اكتسبت هذه البحيرة أهمية دولية كموئل للطيور المهاجرة النادرة، وتم إدراجها ضمن اتفاقية رامسار للمناطق الرطبة عام 1980. تستقبل المرجة سنويًا أكثر من 150 ألف طائر من 82 نوعًا، بينها 16 نوعًا نادرًا أو مهددًا بالانقراض. من أشهر طيورها طائر الكروان دقيق المنقار الذي كان يُرى نادرًا بالمرجة وببعض مصاب الأنهار المجاورة مثل مصب اللوكوس بالعرائش. وتوفر المرجة أيضًا مفرخًا طبيعيًا للأسماك (خاصة الرخويات بـ173 نوع مسجّل)، كما تنتشر في محيطها نباتات مائية وقصبية فريدة (مثل الأسَل المستعمل في صناعة الحصير محليًا). يكسب وجود المرجة الزرقاء قرب العرائش بعدًا إيكولوجيًا وسياحيًا مهمًا للمنطقة، فهي نقطة جذب لهواة مراقبة الطيور والسياحة البيئية، كما أنها مرتبطة بنظام وادي لوكوس الهيدروغرافي. ورغم أن المرجة تقع إداريًا في إقليم القنيطرة، إلا أن تأثيرها البيئي يمتد لأراضي العرائش عبر التواصل المائي والهجرة الموسمية للطيور. هذا وتوجد مناطق رطبة أصغر ضمن إقليم العرائش مثل بعض السبخات الموسمية على طول الساحل، لكنها أقل شهرة. إن هذه الثروات الطبيعية (النهر والسهل والغابات والساحل والمرجة المجاورة) تمنح العرائش تنوعًا بيئيًا وبیولوجيًا فريدًا في الساحل الشمالي للمغرب.
ملحوظة حول الخرائط: سيتم إرفاق خرائط توضيحية ضمن الملحقات – منها خريطة استعمالات الأرض والغطاء الأرضي في العرائش ونواحيها، وخريطة للمناطق المعرّضة للفيضانات بوادي لوكوس، وخريطة مقترحة للمسارات السياحية البيئية بالمنطقة.
التأثيرات الاقتصاديّة لموارد العرائش الطبيعيّة
الزراعة في السهول الفيضية
لطالما شكّلت الزراعة العمود الفقري لاقتصاد العرائش وقراها المحيطة بفضل خصوبة سهول لوكوس. يمتد سهل لوكوس الفيضاني جنوب وشرق المدينة، وتغطّيه تربة غرينيّة خصبة تُغذيها فيضانات النهر وعمليات الري الحديثة. تشتهر المنطقة بزراعة الحبوب والخضروات والقطاني منذ قرون، لكن في العقدين الأخيرين برزت زراعات ذات قيمة مضافة عالية خاصة الفواكه الحمراء (الفراولة والتوت الأحمر والأزرق). بحسب معطيات وزارة الفلاحة لعام 2016، بلغت المساحات المزروعة بالفواكه الحمراء في لوكوس حوالي 4000 هكتار، منها 3000 هكتار فراولة و500 هكتار توت أزرق و500 هكتار توت العليق. ينتج هذا القطاع نحو 130 ألف طن سنويًا من الفواكه الحمراء باللوكوس، ما يمثل 80٪ من الإنتاج الوطني لهذه الفاكهة. ويدرّ رقم معاملات يبلغ 1.4 مليار درهم سنويًا. توفّر هذه الزراعات الحديثة أكثر من 4 ملايين يوم عمل موسمي (قطف وخدمات زراعية خلال 9 أشهر) وتخلق حوالي 18 ألف وظيفة قارة في الضيعات، مما جعل إقليم العرائش يُلقّب حديثًا بعاصمة الفراولة في المغرب. وتُصدّر نسبة كبيرة من هذا الإنتاج إلى الخارج (نحو 75% من الفراولة و90% من التوت بأنواعه تصدّر إلى 30 دولة وخاصة دول أوروبا والخليج). هذا التحوّل نحو الزراعات التصديرية جاء بفضل دعم مخطط المغرب الأخضر سابقًا وامتدادًا بإستراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030 التي تستهدف تعزيز سلسلة القيمة الزراعية. على سبيل المثال، تم مؤخراً إطلاق مشروع أغروبول لوكوس قرب العرائش كمنصة أغذية وصناعات تحويلية على مساحة 150 هكتار. يهدف هذا التجمع الصناعي الزراعي (بكلفة 457 مليون درهم) إلى تثمين الإنتاج الفلاحي محليًا، عبر إنشاء وحدات تلفيف وتعليب وتبريد ومعامل مشتقات زراعية، مما سيرفع القيمة المضافة محليًا. يتوقع من هذا المشروع خلق حوالي 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وتعزيز هوية الإقليم الفلاحية ودعم تنافسيته.
إلى جانب الفواكه الحمراء، لا تزال زراعات تقليدية تساهم في الاقتصاد المحلي مثل الحبوب (القمح والذرة) والخضروات الموسمية (بطاطس، طماطم، بصل) وزراعة الحمضيات وبعض الأشجار المثمرة كالزيتون. تذكر مصادر محلية أن إقليم العرائش يضم مساحات مهمّة من الحمضيات (برتقال ومندرين) المروية من مياه سدود لوكوس، ويجري إنشاء مشاريع للتسويق والتلفيف لهذه المنتوجات. كذلك تنتشر زراعة الأرز بشكل محدود في مناطق سبخية قريبة من مولاي بوسلهام (جنوب الإقليم)، وهي من الممارسات الزراعية القديمة التي أدخلها المستعمر الإسباني. هذه الزراعات كلها تستفيد من وفرة المياه بفضل شبكة الري الحديثة: حيث يغطي المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للوكوس مئات الكيلومترات من قنوات الري، ويستفيد الفلاحون من مياه سد وادي المخازن وسد دار خروفة. أسهمت هذه البنية المائية في حماية السهول من الجفاف نسبيًا وزيادة تناوب المحاصيل على مدار العام. ومع ذلك، تبقى بعض التحدّيات قائمة كارتفاع كلفة مدخلات الزراعة (الأسمدة والبذور) وتفتّت الملكيات الزراعية وهجرة الشباب من الريف. لكن بالمجمل، فالزراعة الفيضية في العرائش تمثّل عصب الاقتصاد المحلي سواء من حيث الإنتاج أو تشغيل اليد العاملة أو رواج الصناعات المرتبطة (كالتعليب والتصدير). ويُنتظر أن تعزّز المشاريع الجديدة (كالأغروبول والQualipôle للسلامة الغذائية) تكامل الزراعة مع الصناعة والبحث العلمي لرفع المردودية والجودة.
الصيد البحري والصناعات المرتبطة بالميناء
تمتد للعَرائش تقاليد عريقة في الصيد البحري نظرًا لموقعها كمدينة ساحلية بمصب غني بالمغذيات البحرية. يوفّر ميناء العرائش على الأطلسي بنية أساسية حيوية لرسو أسطول من قوارب الصيد الساحلي والتقليدي. يُمارس الصيد هنا بأسلوبين رئيسيين: الصيد التقليدي (بقوارب صغيرة يملكها بحارة محليون للصيد قرب الساحل أو في مصب الوادي) والصيد الساحلي (سفن متوسطة تخرج لبضع أيام في الأطلسي). يركّز الصيد بالعرائش على أنواع متعددة أبرزها الأسماك السطحية (كالسردين والإسقمري) التي تتوافر بكثرة في مصايد شمال المغرب. كما يتم صيد الأسماك البيضاء (كالقاروص والبوري) قرب المصب وعلى طول الساحل، إلى جانب الرخويات مثل الأخطبوط والحبار، والقشريات (كالقمرون) بقدر أقل. بلغت كميات التفريغ في ميناء العرائش سنة 2024 حوالي 12,989 طنًا من منتوجات الصيد الساحلي والتقليدي، وهذا يمثل زيادة طفيفة (+4%) عن العام السابق. رغم انخفاض الكمية الإجمالية عن بعض موانئ الأطلسي الكبرى، إلا أن قيمة هذه المصطادات مهمة إذ بلغت حوالي 281.7 مليون درهم في 2024. ويُعزى ذلك إلى وجود أنواع عالية القيمة: فمثلاً شكّلت الأسماك السطحية قرابة 10,193 طن بقيمة ~85.7 مليون درهم، بينما الأسماك البيضاء رغم أنها 701 طن فقط إلا أن قيمتها تجاوزت 45.5 مليون درهم (لسعرها المرتفع للكيلوغرام). كذلك حقق رصيد الرخويات 1,019 طنًا بإيرادات ~91 مليون درهم (أخطبوط وحبار)، والقشريات 1,075 طن بحوالي 59 مليون درهم. يدل هذا على تنوّع الإنتاج السمكي ووجود أسواق تصديرية لبعض الأصناف مرتفعة الثمن. يوفّر قطاع الصيد مداخيل مهمة لشريحة واسعة من سكان المدينة، حيث يعمل مئات البحارة في المراكب ومئات آخرون في أنشطة ذات صلة كمصانع تعليب وتصبير السمك ووحدات صناعة الثلج ونقل وتسويق الأسماك. بالفعل، يوجد في العرائش عدد من معامل التصبير القديمة التي تركزت تاريخيًا على سردين الأطلسي. ومع التطور الصناعي، شهدت المنطقة استثمارات جديدة مثل مشروع إنشاء مصنع حديث تابع لشركة PROCUMAR ضمن منطقة الأغروبول. هذا المصنع المعلن في 2024 باستثمار 140 مليون درهم وعلى مساحة 3.6 هكتار سيُعزّز الصناعات المرتبطة بالبحر ويوفّر 400 وظيفة مباشرة بحلول 2025. ومن الجدير بالذكر أن PROCUMAR شركة دولية (ألمانية-سويسرية) لها 3 وحدات إنتاج قائمة بالعرائش منذ 1992 متخصصة في منتجات الجلد والأحذية، تشغّل بالفعل 4,000 عامل وتساهم بشكل كبير في صادرات الإقليم. توسّعها داخل الأغروبول يدل على تحوّل اقتصادي إيجابي: تنويع الصناعات المحلية وربطها بالبنية التحتية الحديثة (الميناء والطرق).
وعلى صعيد التجارة البحرية، يلعب ميناء العرائش دورًا متوسطًا كمحطة لتصدير بعض المنتجات الفلاحية (تصدير الفراولة المجمدة والمصبرة عبر حاويات مبردة) واستيراد مدخلات (كالأعلاف والأسمدة) لخدمة النشاط الزراعي. كما يساهم الميناء في استقبال سلع استهلاكية للمدينة، لكنه ليس ميناء تجاري رئيسي مقارنة بطنجة أو الدار البيضاء. ومع ذلك، توجد خطط لتطوير البنية المينائية (مثل توسعة الرصيف وبناء مستودعات مبردة) لرفع قدرة المناولة. حاليًا، أهميّة الميناء محليًا تكمن في نشاط الصيد وتشغيل اليد العاملة المرتبطة به. تشير بيانات رسمية إلى أن عدد قوارب الصيد التقليدي بالعرائش يتجاوز 100 قارب خشبي، وعدد مراكب الصيد الساحلي بالعشرات (شباك دائرية وجر ساحلي)، مما يعني فرص عمل مباشرة لمئات الصيادين ومثلهم من العتالين والبحارة الموسميين. وتتركز أنشطة المزادات السمكية في قاعة البيع بالميناء حيث تباع الأسماك القادمة فجر كل يوم، لتوزَّع على الأسواق المحلية والوطنية. ورغم ما يدرّه القطاع من دخل، يواجه أيضًا تحديات مثل تقادم جزء من الأسطول، وافتقار بعض مرافق الميناء للتحديث. وقد طالب المهنيون مرارًا بضرورة عصرنة الميناء وتزويده بالتجهيزات (مصاعد تفريغ الأسماك، مخازن مبردة) لضمان جودة المنتوج وتسريعه للأسواق. إن الاقتصاد الأزرق للعرائش يستند بقوّة على هذا القطاع التقليدي (الصيد)، ومن المتوقع أن تتكامل معه مشاريع جديدة كـتربية الأحياء المائية (التي يمكن إطلاقها في مصب لوكوس أو على طول الساحل لتربية المحار والأسماك) ضمن الإستراتيجية الوطنية للاقتصاد الأزرق التي تسعى لجعل المغرب رائدًا في تدبير موارده البحرية.
السياحة: الشاطئية والإيكولوجية والثقافيّة
رغم غنى العرائش بمقومات سياحية متنوعة، إلا أن السياحة فيها ما زالت في طور النمو ولم تبلغ مستوى مدن مغربية كبرى. ومع ذلك، بدأ الاهتمام يتزايد مؤخرًا بتنمية عروض سياحية متعدّدة الجوانب. أهم عناصر الجذب السياحي الطبيعي هو شاطئ رأس الرمل الممتد والذي يُعتبر وجهة مفضلة للمصطافين المغاربة خلال فصل الصيف. آلاف الزوار من داخل الإقليم وخارجه يرتادون الشاطئ للسباحة والتخييم وركوب الخيل على الكثبان. لكن البنية التحتية السياحية على الشاطئ لا تزال محدودة (عدد قليل من المقاهي الموسمية ومرافق أساسية)، مما يجعل استغلاله الاقتصادي دون المأمول حاليًا. في إطار رؤية وزارة السياحة 2030 لتطوير منتوج السياحة الشاطئية المستدامة، يجري التفكير في تهيئة كورنيش على امتداد الشاطئ مع مرافق ترفيهية وممرات مشاة ودراجات لتعزيز جاذبيته على مدار العام.
إلى جانب الشاطئ، لدى العرائش ورقة سياحية رابحة تتمثّل في موقع ليكسوس الأثري. يقع موقع لِكسوس على بعد 4 كم شمال شرق المدينة فوق هضبة مشرفة على وادي لوكوس. وهو من أقدم المواقع الأثرية بالمغرب إذ أسسه الفينيقيون في القرن 12 قبل الميلاد ثم ازدهر كمدينة رومانية مهمة. تشير الحفريات إلى احتواء الموقع على آثار مصانع تمليح السمك الضخمة التي اشتهرت بإنتاج صلصلة الغاروم لتصديرها للإمبراطورية، إضافة إلى مسرح روماني (مدرّج) يعد الوحيد من نوعه المكتشف في المغرب، وأطلال معابد وبيوت مزينة بلوحات فسيفسائية رائعة (نُقلت أجملها لمتحف تطوان). مؤخرًا تم افتتاح متحف للموقع يعرض قطعًا أثرية من كل الحقب، ووُضع مسار للزيارة الذاتية يبدأ من منطقة المصانع المالحة صعودًا إلى التل. هذا التطوير يعزز مكانة لكسوس كوجهة على خريطة السياحة الثقافية. يبلغ عدد زوار الموقع بضعة آلاف سنويًا فقط حاليًا، لكنه مرشح للارتفاع إذا نُسّقت جهود الترويج مع المسالك السياحية في طنجة وأصيلة. إذ يمكن إدراج العرائش كمحطة في رحلات السياح الباحثين عن التاريخ القديم والطبيعة، خاصة وأنها تقع بين طنجة والرباط وعلى مقربة من أصيلة. يُذكر أن منظمة اليونسكو أدرجت لكسوس على القائمة الإرشادية لمواقع التراث العالمي (تمهيدًا لترشيحه مستقبلًا)، ما سيساعد في تعبئة موارد إضافية للحفاظ عليه.
في مجال السياحة الإيكولوجية، تمتلك العرائش مؤهلات معتبرة: فوجود نهر لوكوس ومصبه يوفّر إمكانية رحلات القوارب والتجديف ومراقبة الطيور في ضفافه، خاصة بمنطقة المستنقعات قرب المصب حيث تتركز طيور مائية (كالنحام والبجع وخطاف البحر). كما يمكن تنظيم جولات بيئية إلى المرجة الزرقاء القريبة لمشاهدة الطيور المهاجرة بالتنسيق مع جمعيات بيئية (حيث المرجة مصنفة دوليًا). كذلك تشكّل غابات الصفصاف ولايبيكا مجالًا ملائمًا لإنشاء مسارات للمشي والدراجات الجبلية والتخييم القصير، مع تثبيت لوحات إرشادية عن التنوع النباتي والحيواني. من الأفكار المطروحة أيضًا إقامة منتزه طبيعي ساحلي يضم كثبان رأس الرمل وغابة الصفصاف ومصب الوادي كمحمية طبيعية صغيرة لتعزيز السياحة البيئية والتعليمية. مثل هذا المنتزه يمكن أن يجذب المدارس والباحثين وهواة الطبيعة، ويوفّر فرص عمل كمرشدين بيئيين لأبناء المنطقة. وفي إطار الاقتصاد الأزرق، هناك توجّه لإنشاء مركز لمراقبة الدلافين والسلاحف البحرية إذا أمكن على الساحل بالتعاون مع المعهد الوطني للبحث في الصيد، لاستغلال مرور بعض الدلافين قبالة ساحل العرائش أثناء هجرتها.
على الصعيد الثقافي والتراثي، تزخر العرائش بمزيج ثقافي أندلسي وإسباني ومغربي يمكن أن يكون عنصر جذب سياحي. فالمدينة القديمة تضم معالم كـقصبة النصر المطلة على النهر، وأسوار وأبواب تاريخية (باب البحر)، وكذلك مبانٍ من الحقبة الإسبانية مثل ساحة إسبانيا (Plaza de España) بطرازها الكولونيالي. كما تحتضن العرائش ضريح الولي أبو عبدالله الكوش الذي يرتاده الزوار، والمقبرة الإسبانية حيث دفن الكاتب العالمي جان جينيه، ما يخلق فضولًا لدى بعض السيّاح الأدبيين. وينظم المجتمع المدني مهرجانات محلية (مثل مهرجان الفروسية وموسم النبيه السلامي) يمكن تسويقها كفعاليّات سياحية ثقافية. أيضًا تشتهر العرائش بفن العَيطة الجبلية والأغنية التقليدية التي تمثّل تراثًا شفهيًا جاذبًا. كل هذه العناصر تحتاج إلى دمجها في مسارات سياحية متكاملة: على سبيل المثال، مسار يجمع بين زيارة لكسوس صباحًا، ثم الغداء في مطاعم الميناء لتذوق السمك المحلي، وبعدها جولة في المدينة القديمة مساءً. مثل هذا البرنامج يقدم تجربة شاملة (ثقافية وطبيعية ومذاقية) تزيد من مدة إقامة السائح وإنفاقه. تشير بعض التقديرات إلى أن معدل إقامة الزائر في العرائش أقل من يوم حاليًا (معظمهم رحلات مرور)، بينما إذا طُوّرت هذه العروض يمكن رفع المدة إلى 2-3 أيام. هنا يكمن التحدي في توفير مرافق الإيواء. حاليًا، لا يتجاوز عدد الفنادق المصنفة في العرائش أصابع اليد، أبرزها فندق حديث هو منتجع ليكسوس بيتش الذي افتُتح ضمن مشروع “محطة ليكسوس” السياحي. هذا المنتجع يضم حوالي 234 غرفة ويقدم خدمات ترفيهية (مسبح، ملعب غولف)، مما أتاح للعرائش منتجعا شاطئيا من فئة 4 نجوم يستقطب سياحة وطنية وبعض الأجانب. إلى جانبه توجد فنادق صغيرة متواضعة في وسط المدينة وعدد من بيوت الضيافة قيد الإنشاء. إذن قدرة الاستيعاب السياحية ما زالت محدودة، ويستلزم تعزيزها تشجيع الاستثمار الفندقي والمطاعم الراقية. ولتوزيع عائدات السياحة بعدالة، ينبغي إدماج السكان المحليين عبر دعم مبادرات مثل دور الضيافة المنزلية والتعاونيات السياحية (مثلاً تعاونية نسوية لإنتاج وبيع المنتوجات المجالية للزوار كالعسل والفواكه المجففة).
الصناعات والخدمات الأخرى المرتبطة بالطبيعة
إلى جانب الزراعة والصيد والسياحة، هناك قطاعات أخرى في العرائش تستفيد من الموارد الطبيعية. من أهمها الصناعات الغذائية: إذ توجد مصانع لتعليب السمك والخضر والفواكه (بفضل وفرة المواد الخام محليًا)، وتعمل المنطقة الصناعية على جذب مشاريع كبرى (ذكرنا مصنع PROCUMAR للأحذية الجلدية الذي يعتمد في جزء منه على جلود المواشي المحلية). كما أن قطاع الطاقة المتجددة بدأ يُطرق الأبواب، حيث تجري دراسات لإمكانية إنشاء محطّة توليد كهرباء بالرياح على السواحل القريبة نظرًا لسرعة الرياح المنتظمة القادمة من المحيط. وفي مجال المعادن، لا توجد مناجم كبيرة بالعرائش، لكن استخراج الرمال الساحلية نشاط قائم لتلبية حاجة البناء، رغم أضراره البيئية كما أسلفنا. أيضًا يمكن التفكير في استثمار الكتلة الحيوية للغابات في مشاريع صغيرة للطاقة الحيوية أو الصناعات التقليدية (كالخشب والفلين). أما قطاع الخدمات فتعزّزه الطبيعة عبر أنشطة ترفيهية (مقاهي مطلّة على النهر أو البحر، فضاءات ترفيهية في الغابات). كل هذه الأنشطة تخلق فرص ابتكار مستقبلية، مثل: مشروع لتربية الأحياء البحرية (محار وقواقع بحرية) في مصب الوادي للإستفادة من تصنيف بعض مناطق شمال العرائش كمناسبة للاستزراع؛ أو مشروع إقامة مزرعة ريحية بحرية على الساحل ضمن رؤية المغرب للطاقات المتجددة.
الأبعاد الاجتماعيّة والثقافيّة للتنمية القائمة على الموارد الطبيعيّة
فرص الشغل وهجرة السكان
أتاحت موارد العرائش الطبيعيّة فرص عمل لقطاع واسع من المجتمع المحلي، وساهمت في تشكيل البنية السوسيواقتصادية للمنطقة. في قطاع الفلاحة مثلًا، يعمل آلاف العمال الزراعيين الموسميين في حقول الفواكه الحمراء، كثير منهم نساء من القرى المجاورة يجدن في مواسم الجني مصدر دخل مهم يحسّن معيشة أسرهن. كما توظف الضيعات الكبيرة والحقول المروية عشرات المهندسين والتقنيين الشباب من أبناء المنطقة، ما قلّص نسبيًا هجرة الشباب القروي إلى المدن الكبرى. مع ذلك، تبقى الهجرة قائمة باتجاه العرائش ذاتها، حيث يهاجر سكان القرى الجبلية في الإقليم (بني عروس وغيرها) إلى المدينة بحثًا عن عمل في موانئها ومصانعها. وتوفّر موانئ الصيد أيضًا مهنًا تقليدية متوارثة (بحار، صانع شباك، ميكانيكي مراكب) تستقطب أبناء الصيادين جيلاً بعد جيل. ورغم الطابع الموسمي لبعض هذه الأشغال (كالزراعة والصيد التي تتأثر بالمواسم والمناخ)، إلا أنها شكّلت نسيجًا اجتماعيًا مترابطًا مبنيًا على التعاون والتكافل داخل كل مهنة (مثلاً: نظام النوبة في الصيد التقليدي، أو التويزة في أعمال الحصاد). ومع توسّع النشاط السياحي المرتقب، يتوقع خلق وظائف جديدة في مجال الإرشاد السياحي والإيواء والخدمات، ما قد يمتص قسطًا من البطالة في صفوف الشباب. ومن شأن الاستثمار البيئي المستدام أن يولّد مهنًا خضراء جديدة (كحراس محميات، وأدلاء بيئيين، وتقنيي تدوير النفايات)، ما يزيد من تنوّع سوق الشغل المحلي. التحدي يكمن في تكوين الشباب لهذه المهن وتحسين مستوى التعليم والتدريب المهني ذي الصلة. وفي هذا الصدد، دور المجتمع المدني حيوي عبر جمعيات البحارة والفلاحين التي بدأت تنظيم دورات تدريب (مثلاً في تربية النحل أو تسويق المنتجات المحلية) بتمويل من مبادرات وطنية للتنمية البشرية.
الهوية الثقافية والتراث اللامادي
تتكامل الموارد الطبيعيّة مع التراث الثقافي لتشكيل هوية العرائش الفريدة. تاريخيًا، ارتبطت هوية المدينة بالنهر والبحر: فاللهجة المحلية وثقافة الغذاء والفنون تحمل تأثيرات بحرية وأندلسية. يشتهر المطبخ العرائشي بأطباق سمكية مثل “المرقة” (حساء السمك بالخضار) والسردين المشوي على الطريقة المحلية، وهذه جزء من التراث اللامادي الذي يمكن تسويقه سياحيًا كجولات تذوق للأطعمة البحرية الطازجة في مقاهي الميناء. كذلك طوّر سكان العرائش على مر الزمن معارف تقليدية مرتبطة بالطبيعة: مثل طرق بناء القوارب الخشبية (التي كادت تندثر)، وأساليب زراعية تراثية (كالري بالسواقي، وتقنيات تجفيف التين والزيتون)، بالإضافة لمهارات مثل صناعة الحصير من نبات الأسَل المنتشر في البحيرات. هذه الممارسات الشعبية تستحق التوثيق والدعم لضمان استمرارها، ويمكن إدماجها في عروض للسائحين (ورشات حرفية أو زيارات ميدانية).
كما أن للبيئة حضور في الفنون المحلية: فالأغنية الجبلية والعيطة غالبًا ما تذكر الطبيعة (النهر، المطر، الخضرة)، وتقام طقوس فلكلورية مرتبطة بالمواسم الزراعية (كالاحتفال ببداية الحصاد). ولعل موسم “بيعة البحر” مثال رمزي، حيث كان الصيادون قديمًا يقيمون احتفالًا مع بداية موسم الصيد للتضرع من أجل السلامة وصيد وفير. أما في الحاضر، فتقيم بعض الجمعيات مهرجانًا سنويًا للفروسية وسباقات الهجن على رمال رأس الرمل، ممزوجًا بأهازيج تقليدية، مما يجمع بين الموروث الطبيعي والثقافي في عرض فرجوي. كل ذلك يشكّل هوية محلية يعتز بها السكان وتخلق شعورًا بالانتماء. إن المحافظة على هذه الهوية وتنميتها يقتضي تضمين البعد الثقافي في مشاريع الاستثمار: فلا يكون التركيز فقط على إنشاء بنى تحتية حديثة للسياحة مثلاً، بل أيضًا على إبراز قصص المكان وتاريخه وتراثه للزوار. مبادرات كإنشاء متحف للذاكرة المحلية في المدينة العتيقة (يعرض تاريخ الصيد والزراعة وليكسوس وعادات أهل العرائش) من شأنها تعزيز هذا الوعي الثقافي ونقله للأجيال المقبلة والسياح.
دور المجتمع المدني والشراكة المحليّة
برزت في العرائش خلال السنوات الأخيرة مجموعة من الجمعيات النشطة في مجالات البيئة والتراث. على سبيل المثال، تقوم جمعيات بيئية برصد تلوّث وادي لوكوس وتحسيس الفلاحين بمخاطر الاستعمال المفرط للمبيدات الذي يضر بجودة المياه. كما انبرت جمعيات مدنية للدفاع عن غابة لايبيكا بعد سلسلة حرائق متعمدة طالتها، وأطلقت حملات تشجير تطوعية حافظت على 33 هكتارًا من الغابة من الضياع. وفي السياحة والثقافة، هناك تعاونيات وجمعيات تنظم رحلات استكشاف للطبيعة لفائدة الشباب وتشجع رياضة المشي الجبلي في غابات الإقليم. هذه الحيوية المجتمعية عنصر قوة يجب دمجه في التخطيط التنموي. فتأسيس لجان تشاورية محليّة تضم ممثلين عن الصيادين والفلاحين والفاعلين السياحيين والمنتخبين والجمعيات، سيساهم في اتخاذ قرارات تراعي مصالح الجميع. كما يمكن للمجتمع المدني إدارة بعض المشاريع الصغرى: مثل مركز للتربية البيئية عند مصب لوكوس تديره جمعية وتستقبل فيه تلاميذ المدارس للتوعية بأهمية النظم البيئية (بتمويل من مبادرات مثل صندوق المناخ الأخضر). وعلى صعيد آخر، تلعب المرأة القروية دورًا مهمًا في اقتصاد العرائش الطبيعي (سواء في الحقول أو الحرف)، لذا من الضروري تعزيز مشاركتها عبر تشكيل تعاونيات نسائية (مثلاً تعاونية فلاحية لتثمين الفواكه الحمراء في تصنيع المربى والعصائر محليًا بدل بيع الخام). باختصار، النسيج الاجتماعي في العرائش يتأثر إيجابًا باستغلال الموارد الطبيعية حين يكون هذا الاستغلال منظّمًا وعادلاً. أما إذا تم بطريقة غير مستدامة (كالصيد الجائر أو إزالة الغابات)، فسينعكس سلبًا عبر فقدان الوظائف وتهديد سبل العيش التقليدية. لذا فإن الحكامة المحليّة الرشيدة بمشاركة المجتمع المدني عامل حاسم لضمان أن تكون التنمية الاقتصادية والسياحية المنشودة شاملة لجميع الفئات ومراعية للبعد الاجتماعي.
الإكراهات والتحدّيات البيئيّة والإداريّة
رغم الإمكانات الكبيرة، تواجه العرائش إكراهات عديدة تحدّ من استثمار مواردها الطبيعية وتنميتها بصورة مستدامة:
-
التلوّث البيئي: يعاني نهر لوكوس ومحيطه من مصادر تلوّث متعددة. فمياه الصرف الصحي لجزء من المدينة وبعض المعامل تصب في الوادي دون معالجة كاملة، مما يلوث المياه السطحية. كذلك تفاقمت مخلفات الأسمدة الكيماوية والمبيدات القادمة من الحقول إلى الوادي، محدثة تغذّيًا مفرطًا (eutrophication) يضر بجودة المياه ويهدد الثروة السمكية في المصب. وعلى الساحل، تتراكم النفايات البلاستيكية على الشاطئ والكثبان بسبب غياب نظام فعال لجمع القمامة في مواسم الاصطياف. تلوث البحر بمخلفات الصيد (قطع شباك وبقايا محروقات) يؤثر أيضًا على الصحة البحرية. تحتاج العرائش إلى بنية تطهير ومعالجة للمياه العادمة أكثر كفاءة (خاصة لمياه أحياء المدينة السفلى) وإلى تفعيل قوانين منع القاء النفايات في الملك العمومي المائي. دون ذلك، سيبقى وادي لوكوس ملوّثًا وغير صالح كسياحة بيئية أو كريّ لزراعات جديدة.
-
التمدّد العمراني العشوائي: شهدت المدينة نموًا سكانيًا من ~125 ألف نسمة (2014) إلى ما يفوق ذلك اليوم، مما ولّد ضغطًا عمرانياً. امتد البناء العشوائي نحو ضفاف الوادي والمناطق الساحلية، متجاوزًا أحيانًا الملك البحري العام (المنطقة الساحلية المحمية قانونًا بعمق 100م من خط المد). هذه العشوائيات تشوه المنظر الساحلي وتعرقل مشاريع التهيئة. كما أن البناء على مقربة من الشاطئ والكثبان أدى إلى تفاقم تعرية الساحل لغياب منطقة عازلة طبيعية. ينبغي على السلطات المحلية تطبيق صارم للقوانين ومنع أي بناء غير مرخص في المناطق الحساسة بيئيًا، مع إعادة إسكان قاطني دور الصفيح في مواقع آمنة. أيضًا زحف العمران طال بعض الأراضي الفلاحية الخصبة حول المدينة لتحويلها إلى تجزئات سكنية، مما يقلّص الرقعة الزراعية. هذه الظاهرة تتطلب تخطيطًا ترابيًا محكمًا يوازن بين التوسع الحضري وحماية المجالات الطبيعية.
-
تآكل السواحل وتغير المناخ: ذكرنا أن سواحل العرائش تتآكل بوتيرة ملحوظة. يُعزى ذلك جزئيًا للنشاط البشري (جرف الرمل) وجزئيًا للعوامل الطبيعية (الأمواج العاتية والعواصف). التغير المناخي مرشح لأن يزيد الأمر سوءًا عبر ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة تواتر العواصف. تشير تقديرات عالمية إلى احتمال ارتفاع مستوى البحر بنحو 20-30 سم بحلول 2050، ما قد يُغرق أجزاء من شاطئ رأس الرمل المنخفض. كما أن اختلال أنماط الأمطار قد يؤدي إلى فيضانات وادي لوكوس بوتيرة أشد أو فترات جفاف تصيب الزراعة. هذه التغيرات تتطلب خطط تكيف محلية: مثل تدعيم الكثبان الرملية بحواجز طبيعية (كزرع نباتات مثبتة للرمال)، وإنشاء رصيف حماية (مكسر أمواج) عند نقاط التآكل الحادة؛ وتحديث خريطة المخاطر الفيضيّة لأحياء المدينة المنخفضة ووضع إنذار مبكر. بالفعل، فيضان لوكوس الكبير عام 2009 مثلاً أغرق ضواحي العرائش وكشف ضرورة تحسين البنية التحتية للتصريف. سدود upstream ساعدت حاليًا، لكن استمرار إزالة الغابات في أعالي الحوض قد يزيد جريان المياه المفاجئ. لذلك فتحدي المناخ يتشابك مع تحديات بيئية محليّة، ويجب أخذ توصيات الدراسات المناخية الوطنية بالحسبان في التخطيط (كاعتماد كود بناء مقاوم للفيضانات في المناطق المهددة).
-
نقص البنية التحتية الخضراء: البنية التحتية الداعمة للاستدامة البيئية ما زالت ضعيفة. مثلاً، تفتقر العرائش إلى مساحات خضراء حضرية كافية؛ فباستثناء حديقة لالا منانة التاريخية وبعض الساحات، تغيب الحدائق الكبيرة عن مشهد المدينة. كذلك لا توجد حتى الآن محطة لتدوير النفايات أو فرزها، ويتم التخلص من أغلب القمامة في مطرح تقليدي قريب من وادي تاهدرت، مما يشكل خطر تلوث المياه الجوفية. أيضًا تغيب مسارات الدراجات داخل المدينة رغم ملاءمة تضاريسها، ما يحرم السكان من بديل نقل صديق للبيئة. الحل قد يكون في دمج مفهوم “البنية التحتية الخضراء” في مشاريع التأهيل الحضري: كتخصيص ممرات مشاة مشجرة تربط بين الضفة والنقاط الحيوية، وإنشاء منتزه حضري في أرض شاغرة (مثلاً استغلال ضفة الوادي الجنوبية ككورنيش أخضر مع مسارات رياضية). وفي الريف المحيط، تعاني بعض القرى من شح المياه النظيفة لغياب شبكات الصرف ومحطات المعالجة الصغرى.
-
تذبذب الحكامة وضعف التنسيق المؤسسي: ربما التحدي الأكبر هو الجانب المؤسسي. إدارة الموارد الطبيعية تتداخل فيها جهات متعددة: وزارة التجهيز والماء (مسؤولة عن السدود والملك العمومي المائي)، وزارة الفلاحة (الأراضي السقوية)، وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة (البيئة)، الوكالة الوطنية للموانئ (الميناء)، وزارة السياحة، الجماعة الترابية... إلخ. كثيرًا ما يحصل تضارب صلاحيات أو فراغ مؤسسي، فتتأخر المشاريع أو تتراكم المشاكل دون حل. على سبيل المثال، مشكل تلوث وادي لوكوس يتطلب تنسيقًا بين جماعة العرائش (لمنع صب المياه العادمة) والوكالة الحضرية (لإلزام المصانع بمعالجة نفاياتها) ووكالة الحوض المائي (لمراقبة جودة المياه)؛ وأي تقصير من طرف يجعل الجهود الأخرى بلا جدوى. كذلك منح التراخيص لمشاريع قرب الساحل أحيانًا يتم دون استشارة مصالح البيئة أو الصيد البحري، مما يسبب أخطاء تخطيطية. ضعف المتابعة والمراقبة يشجّع أيضًا المخالفين (كالمعتدين على الغابات أو الصيادين غير المرخصين). الحكامة الجيدة تقتضي أولاً وجود رؤية موحدة لدى جميع المتدخلين حول تنمية العرائش، وثانيًا آليات تنسيق فعالة (مثلاً لجنة إقليمية دائمة تجتمع شهريًا لمتابعة حالة الموارد الطبيعية وإجراءات كل قطاع). كما تتطلب الشفافية وإشراك المواطنين في صنع القرار، فالسكان أدرى بمشاكلهم البيئية ويمكن أن يقترحوا حلولاً مبتكرة لو تم الاستماع إليهم. من الإكراهات الإدارية كذلك نقص الميزانيات المخصّصة للتنمية البيئية محليًا؛ فجل المشاريع الكبرى مركزية التمويل، أما الجماعة المحلية فإمكانياتها محدودة ما لم تُعزّز بشراكات عام/خاص أو دعم من الجهة.
باختصار، هذه التحديات إذا لم تُعالج ستقف عقبة أمام تحقيق أي إقلاع اقتصادي/سياحي قائم على الموارد الطبيعية. فلا يمكن تنمية السياحة البيئية في بيئة ملوثة، ولا جني ثمار الزراعة المستدامة مع تآكل التربة وتقلّب المناخ، ولا جذب الاستثمار دون حكامة رشيدة. من هنا ضرورة وضع خطة عمل شمولية تعالج هذه المعضلات بالتوازي مع تنفيذ المشاريع التنموية.
الرؤية الاستراتيجية: نحو استثمار مستدام لمؤهّلات العرائش الطبيعيّة
انطلاقًا من التقييم السابق، تتبلور رؤية استراتيجية متعددة الأبعاد لتحويل مؤهلات العرائش الطبيعيّة إلى رأسمال تنموي مستدام. تقوم هذه الرؤية على مبادئ: حماية البيئة، الإدماج الاجتماعي، الجدوى الاقتصادية، الحكامة الجيدة. وفيما يلي الخطوط العريضة للرؤية مع برامج عمليّة مقترحة على المدى القصير (1-3 سنوات) والمتوسط (4-10 سنوات) والطويل (10-15 سنة):
أولًا: برامج قصيرة المدى (1 – 3 سنوات)
1. تأهيل البنية التحتية الأساسيّة: الشروع فورًا في تهيئة كورنيش العرائش على ضفة وادي لوكوس الجنوبية امتدادًا من الميناء إلى المصب. يتضمن المشروع إنشاء ممشى ومحطات جلوس وإنارة صديقة للبيئة، مما يحوّل الضفة إلى فضاء ترفيهي للسكان والسياح. كذلك البدء في مشروع تحسين شاطئ رأس الرمل عبر توفير مرافق صحية، وحاويات نفايات، وأبراج مراقبة للسلامة، استعدادًا للصيف المقبل. الميزانية المقدرة لكورنيش الوادي ~20 مليون درهم، ويمكن تعبئة تمويل مشترك بين وزارة التجهيز والجماعة. أما تجهيزات الشاطئ فيمكن للشراكة مع القطاع الخاص (مثلاً تكليف شركات إشهار بتركيب مرافق مقابل حقوق إعلانية).
2. حماية عاجلة للبيئة: إطلاق حملة تنظيف واسعة لمصب الوادي والشاطئ بمشاركة المجتمع المدني، وجمع النفايات المتراكمة. بالتوازي، تفعيل مراقبة تلويث الوادي: بتنسيق مع الشرطة البيئية يتم تفتيش وحدات التصنيع القريبة وفرض إجراءات فوريّة لوقف أي تصريف غير قانوني. أيضاً تركيب فلاتر شبكية عند نقاط تصريف مياه الأمطار في المدينة لالتقاط النفايات البلاستيكية قبل وصولها للنهر. من جهة أخرى، الشروع في إعداد دراسات مشروع محطة معالجة مياه عادمة مركزية للمدينة بطاقة كافية (تُنجز الدراسة خلال سنة) تمهيدًا لطلب التمويل من ميزانية الدولة أو الجهات المانحة.
3. دعم الفلاحين والصيادين الصغار: في القطاع الفلاحي، إطلاق برنامج إرشاد زراعي عاجل لموسم 2025 في سهول لوكوس لتدريب المزارعين على الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا (مثل التقنيات الحديثة للري بالتنقيط للحفاظ على المياه، واستخدام المبيدات العضوية) بهدف تقليل التلوث وتحسين الإنتاج. أيضًا توفير دعم مالي (عبر صندوق التنمية الفلاحية) لصغار المزارعين لشراء شبكات مضادة للبَرَد لحماية محاصيل الفراولة والتوت من التقلبات المناخية. وفي قطاع الصيد، تقديم منحة تجديد شباك ومحركات للمراكب التقليدية لدعم السلامة البحرية ورفع الكفاءة. كذلك تيسير قروض صغيرة للصيادين لاقتناء معدات تبريد بسيطة على القوارب للحفاظ على جودة المصطادات وبالتالي زيادة السعر عند البيع. هذه الإجراءات الفورية تعزز دخل العاملين وتظهر لهم مكاسب الحفاظ على الموارد (فالصياد مثلًا حين يدرك أن تقنيات معينة تجنب صيد الأسماك الصغيرة ستحافظ على المخزون، سيكون أكثر التزامًا).
4. الترويج السياحي السريع: إعداد حملة ترويجية إلكترونية تحمل شعارًا سياحيًا للعرائش (مثلاً "العرائش – طبيعة وتاريخ")، وإطلاق موقع إلكتروني رسمي بعدة لغات يعرض معالم المدينة ونشاطاتها. كذلك تنظيم رحلات صحفية لاستضافة صحافيين ومدوّنين مختصين في السياحة البيئية والتاريخية لتعريفهم بالعرائش ومميزاتها، على أن تُنشر مقالات وتغطيات في الصحف الوطنية والمنصات الدولية خلال سنة. بالتوازي، إنشاء مكتب معلومات سياحية مصغّر في وسط المدينة (بإعادة تأهيل كشك قديم) يزود الزائرين بخرائط وبرشورات مجانية حول المسارات المقترحة (جولة في لكسوس، جولة في المدينة القديمة، زيارة الغابات...). ميزانية هذه الأنشطة الترويجية محدودة نسبيًا (~1 مليون درهم) لكنها ذات أثر كبير لجذب الانتباه سريعًا.
ثانيًا: برامج متوسطة المدى (4 – 10 سنوات)
1. إنشاء محميّة طبيعية ساحلية: العمل خلال 4-5 سنوات على إعلان منطقة رأس الرمل – مصب اللوكوس – غابة الصفصاف كمحميّة طبيعية رسميّة ضمن الشبكة الوطنية. يتطلب ذلك إجراء دراسات بيئية تفصيلية لإعداد ملف علمي يثبت أهمية التنوع الحيوي (كالطيور المهاجرة المذكورة). ثم إحداث إطار قانوني للمحمية يحدد استعمالاتها المسموحة (منطقة لاستقبال السياح بشكل مضبوط، منطقة عازلة يمنع فيها البناء نهائياً...). هذه المحمية ستحفظ الكثبان والشريط الساحلي من أي استغلال غير مستدام، وتتيح جذب تمويلات دولية (مثلاً من صندوق المناخ الأخضر أو صندوق البيئة العالمي) لدعم إدارتها. بالتوازي، يُنشأ مركز للزوار في مدخل المحمية قرب المدينة يقدم معلومات تفاعلية عن النظم البيئية الساحلية ولوحة بانورامية للموقع. تقدر كلفة إنشاء المركز وتجهيز المحمية بحوالي 10 ملايين درهم، لكنها استثمار في الرأسمال الطبيعي بعيد المدى.
2. تطوير البنية السياحية والاستيعابية: تشجيع استثمار محطة ليكسوس السياحية بشكل كامل. المحطة بدأت بمنتجع واحد (ليكسوس بيتش ريزورت)، ويُخطط لاستقطاب مستثمرين لإضافة فنادق أو منشآت ترفيهية أخرى (كمنتزه مائي صغير، نادي فروسية على الشاطئ). ينبغي كذلك توجيه تحفيزات (إعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات مثلاً) لمن يرغب بإنشاء بيوت ضيافة في المدينة القديمة بعد ترميم منازل تقليدية، وبذلك نربط بين البعد الثقافي والإيواء السياحي. هدف الخطة المتوسطة رفع السعة الإيوائية بنسبة 50% (من خلال إضافة 300 سرير سياحي جديد) لاستيعاب الزيادة المتوقعة في عدد الزوار. كما ستدعم على المدى المتوسط تنويع المنتوج السياحي: كإنشاء مسار للدراجات الجبلية يمر عبر غابة لايبيكا وصولاً إلى لكسوس، ومسار قوارب التجديف في الوادي. هذه المشاريع تحتاج تنسيقًا بين وزارة السياحة ووزارة التجهيز (لتجهيز المسارات وتأمينها) وتقدر كلفتها بـ5 ملايين درهم. النتيجة المتوقعة: حزمة عروض سياحية متكاملة تطيل مدة إقامة السائح وتجلب فئات جديدة (هواة الرياضة والطبيعة).
3. الاستثمار في الاقتصاد الأزرق والطاقات المتجددة: ضمن الرؤية المتوسطة، يتم إطلاق مشروع تربية أحياء مائية في جهة العرائش. مثلاً إنشاء مزرعة تجريبية لتربية بلح البحر والمحار في بحيرة قريبة (قد تكون مرجة صغيرة أو جزء من مصب لوكوس) بطاقة إنتاجية حوالي 50 طن سنويًا. هذا المشروع التجريبي (بشراكة بين المعهد الوطني للبحث في الصيد ومقاول محلي) سيثبت جدوى الاستزراع البحري ويفتح الباب لتعميمه إن نجح. كذلك بدء الدراسات التفصيلية لإنشاء حقل طواحين ريحية على اليابسة في مواقع مرتفعة قرب الساحل، مستفيدين من تجربة حقول الرياح في تطوان وطنجة. إذا أثبتت الدراسات أن الرياح كافية، يمكن بحلول 2030 إنشاء محطة 50 ميغاواط بتمويل شركات خاصة، مما يجعل العرائش مساهمة في الجهد الوطني للطاقة النظيفة. كما تشجّع الإستراتيجية مبادرات الاقتصاد الدائري: كإقامة وحدة صغيرة لتحويل نفايات الأسماك وقشور القشريات إلى أعلاف أو أسمدة عضوية، وأيضًا تشجيع الشركات على إعادة تدوير مياه الصرف لري الأشجار غير المثمرة. هذه المشروعات التقنية تزيد القيمة المضافة محليًا وتخلق وظائف تقنية جديدة (مهندسين، تقنيين) لأبناء المنطقة.
4. تعزيز البنية التحتية الاجتماعية والبيئية: تشمل الخطة إنشاء مركز تكوين مهني متخصص في المهن الخضراء والسياحية (مرشد سياحي، تقني صيانة معدات الطاقة الشمسية والريحية، مسيّر فندقي...) بالتعاون مع معاهد التكوين (OFPPT). كما سيُستثمر في تعزيز شبكة الصرف الصحي لتغطية كل أحياء المدينة ومعالجة 100% من المياه العادمة بحلول 2030 (بناء وتجهيز محطة المعالجة المركزية المذكورة). أيضًا، توسعة المناطق الخضراء الحضرية بإنجاز منتزه حضري كبير على مساحة 5 هكتارات (ربما باستغلال أرض عمومية كالثكنة القديمة إن وجدت أو منطقة بجوار وادي لوكوس بعد تحويلها لحديقة) مزودة بمسارات رياضية وملاعب، مما يحسن جودة الحياة للسكان ويعزز جاذبية المدينة لاستقرار الكفاءات. هذه المشاريع المتوسطة المدى تُموّل عبر مزيج من ميزانية الدولة وقروض ميسرة (يمكن السعي لدى البنك الدولي أو بنك التنمية الأفريقي للحصول على دعم في إطار برامج مدن مستدامة).
ثالثًا: برامج طويلة المدى (10 – 15 سنة)
1. ترسيخ مكانة العرائش في الخارطة السياحية الوطنية والدولية: بحلول 2035، تهدف الرؤية إلى أن تصبح العرائش قطبًا سياحيًا بيئيًا وثقافيًا معروفًا. لتحقيق ذلك، سيتم السعي (على المدى الطويل) لإدراج موقع ليكسوس الأثري على قائمة التراث العالمي لليونسكو رسمياً، مما سيضاعف الاهتمام الدولي به ويضمن صيانته. كما يمكن تطوير مهرجان سنوي دولي للطبيعة والثقافة (مثلاً تحت مسمّى "ملتقى لوكوس") يُقام كل ربيع ويجمع أنشطة سباق زوارق في الوادي، وتظاهرات فلكلورية، ومعارض للمنتجات المحلية، وسباق اختراق الضاحية عبر الغابات. هكذا مهرجان قادر على استقطاب السياحة الداخلية والأجنبية وتعزيز العلامة السياحية للعرائش. وفي المجال البحري، الهدف طويل المدى إقامة مارينا بحرية صغيرة قرب الميناء لاستقبال اليخوت السياحية، وربط العرائش مستقبلاً بخطوط الرحلات البحرية الساحلية (cruise) التي قد تمر من طنجة إلى الرباط مثلًا وتتوقف بضع ساعات في العرائش. مثل هذا المشروع يتطلب دراسات وبنية خاصة، لكنه ممكن ضمن استراتيجية وطنية لتأهيل الموانئ الصغيرة للسياحة.
2. مدينة مستدامة ذكية: اعتماد مقاربة "المدينة الذكية الخضراء" تدريجيًا، بحيث تُدار الخدمات بشكل رقمي وكفؤ يراعي البيئة. مثلاً تعميم إنارة شوارع بالطاقة الشمسية، وتشغيل جزء من المرافق العامة بالطاقة المتجددة (يمكن الاستفادة من مشروع محطة الرياح لتزويد الإنارة العمومية). أيضًا تطوير نظام مواصلات عمومية نظيفة يربط أنحاء المدينة (حافلات كهربائية صغيرة) لتقليل انبعاثات النقل وتسهيل تنقل السياح والمواطنين نحو الشاطئ والمواقع الطبيعية دون سيارات خاصة. كما يمكن بحلول 2035 أن تكون العرائش قد حققت الحياد الكربوني المحلي في بعض القطاعات، عبر مشروعات التشجير وتعويض البصمة الكربونية للسياحة بزراعة أشجار في الغابات المجاورة.
3. استدامة اقتصادية واجتماعية: في السيناريو المنشود حتى 2035، ستكون العرائش قد انتقلت من اقتصاد زراعي/صيادي تقليدي إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة. حيث يندمج في نسيجها مجتمع ريادي من تعاونيات زراعية وتجمعات حرفية تصدّر منتجات ذات قيمة (مثل علامة تجارية محلية لمربى الفواكه الحمراء أو سردين معلب بمعايير دولية). كما من المتوقع ارتفاع نصيب السياحة والصناعات التحويلية في الناتج المحلي للمدينة، مما يخلق فرص عمل لأغلب الشباب ويحدّ من الهجرة السلبية. وهنا تظهر أهمية التعليم: إذ ينبغي خلال هذه المدة رفع جودة التعليم الأساسي والتقني، واستقطاب معاهد عليا متخصصة (ربما إنشاء شعبة جامعية في كلية متعددة التخصصات بالعرائش تُعنى بالبيئة والموارد الطبيعية، لتحفيز البحث العلمي محليًا في هذه المجالات).
4. المتابعة والتقييم المستمر: أخيرًا، تضع الرؤية آليات للرصد والتقييم على المدى الطويل. مثلًا: إنشاء مرصد محلي للتنمية المستدامة يجمع بيانات سنوية حول مؤشرات أساسية: نسبة البطالة، متوسط الدخل، نوعية مياه الوادي، مساحة الغطاء الغابوي، عدد السياح، حجم المصطادات السمكية... ثم يقارنها بأهداف محددة. على سبيل المثال، هدف تقليص التلوث بنسبة 50% بنهاية 2030 (مقاس بنسب الـBOD في مياه الوادي)، أو هدف الوصول إلى 100 ألف سائح سنويًا في 2035. هذا المرصد يرفع تقارير دورية للجهات المسؤولة ويقترح تصحيحات للمسار حسب الحاجة.
باختصار، السيناريو “الاستثمار البيئي المستدام” لعام 2035 يتوقع تحويل العرائش إلى نموذج مدينة متوسطة مزدهرة اقتصاديا بفضل مواردها الطبيعية المصونة، مقابل سيناريو “العمل كالمعتاد” الذي سيبقيها محدودة النمو مع استنزاف تدريجي لثرواتها. الجدول المقارن أدناه (انظر الملحق) يبيّن الفارق بين السيناريوهين في مؤشرات مختلفة (كالتشغيل والناتج المحلي وجودة البيئة)، ويؤكد الجدوى العالية لخيار التنمية المستدامة.
خاتمة وتوصيات
تخلص هذه الدراسة إلى أن الخصائص الطبيعيّة الفريدة لمدينة العرائش – من أنهار وسواحل وغابات وأراضٍ رطبة – توفر قاعدة صلبة لتحقيق إقلاع اقتصادي وسياحي متكامل وعادل اجتماعيًا، شريطة تبنّي نموذج تنموي مستدام ومدروس. لقد تبين أن العرائش تمتلك رأسمالًا طبيعيًا غنيًا يساهم فعليًا في قطاعات الزراعة والصيد والسياحة، لكنه مهدّد بجملة تحديات بيئية وإدارية. وعليه فإن تحويل هذا الرأسمال إلى قيمة تنموية مستدامة يتطلب شروطًا أساسية أبرزها: (1) حماية الموارد عبر سياسات بيئية صارمة (وقف التلوث، منع التعديات، التكيّف مع التغير المناخي)، (2) التخطيط التكاملي الذي ينسّق بين القطاعات ويضمن مشاركة السكان ومجتمعهم المدني، (3) الاستثمار الذكي في مشاريع تعظّم القيمة المضافة محليًا (كالتصنيع الغذائي والسياحة الإيكولوجية) بدل تصدير الخام فقط، و(4) بناء القدرات البشرية والمؤسساتية لضمان استمرارية الإدارة الرشيدة لهذه الموارد.
وفي ضوء ذلك، نوجز فيما يلي توصيات عمليّة موجّهة لأصحاب القرار على مختلف المستويات:
على مستوى الجماعة الترابية (البلدية): الإسراع بإدماج بُعد الاستدامة في وثائق التعمير المحلية، عبر تصنيف المناطق البيئية الحساسة كمناطق يمنع فيها البناء أو النشاط الصناعي؛ إنشاء مصلحة متخصصة بالتنمية المستدامة داخل الجماعة لمتابعة المشاريع البيئية والتنسيق مع باقي المتدخلين؛ إطلاق برنامج “مدينة نظيفة” يشمل تعزيز جمع النفايات وفرزها، وتوفير موارد مالية لدعم مبادرات التشجير والصيانة الحضرية.
على مستوى المستثمرين والقطاع الخاص: ندعو مستثمري القطاع السياحي لاستكشاف فرص إنشاء مرافق إيواء بيئية (Eco-lodges) في ضواحي العرائش المطلة على المناظر الطبيعية، مع الالتزام بالمعايير البيئية (كاستعمال الطاقة الشمسية ومعالجة المياه). وكذلك تشجيع شركات التصنيع الغذائي على إقامة وحدات تحويل محلية (تجميد وتعليب) للفواكه الحمراء والمنتجات البحرية، مما يبقي القيمة المضافة داخل الإقليم. نوصي أيضًا بأن يتبنى القطاع الخاص مبدأ المسؤولية المجتمعية للشركات، فيساهم مثلاً في تمويل برامج تدريب للشباب على المهن التي يحتاجها (شركة PROCUMAR يمكن أن تمول قسما للتكوين في صناعة الجلود مثلًا).
على مستوى السلطات الجهوية والوطنية: ضرورة توفير الدعم المالي والمؤسسي لتنفيذ الاستراتيجية المقترحة. وهذا يشمل رصد اعتمادات كافية لإنجاز محطة معالجة المياه ومشاريع التطهير (تقديرات التكلفة ~200 مليون درهم) لأنها حجر الزاوية لأي تنمية بيئية. كما يتعين على وزارة التجهيز والماء الإسراع في إتمام مشاريع حماية السواحل (برنامج وطني بتمويل البنك الدولي أشار لتآكل شواطئ العرائش ويجب ترجمة توصياته محليًا كمشروع بناء حواجز بحرية). وفي الفلاحة، مواصلة دعم صغار الفلاحين عبر الجيل الأخضر والتركيز على تحويل الزراعة إلى زراعة مستدامة قليلة الاستهلاك للماء والكيماويات. وندعو وزارة السياحة لإدراج العرائش في مخططات التنويع السياحي واستهداف الأسواق الأوروبية القريبة (إسبانيا وفرنسا) عبر برامج ترويج مشتركة بين مدن الشمال (تنظيم مسارات تشمل طنجة-أصيلة-العرائش كمزيج ثقافي وشاطئي).
أخيرًا، نؤكد أنّ نجاح هذه الرؤية يحتاج سد الفجوات المعرفية عبر مزيد من البحث العلمي. إن غياب بعض البيانات الدقيقة خلال إعداد هذا التقرير – مثل إحصاءات محدّثة حول مخزون الأسماك في مصايد العرائش أو دراسات تقييم اقتصادية شاملة للسياحة المحتملة – يستوجب وضع خطّة بحث مستقبلية. نقترح أن تشمل هذه الخطة: دراسات بيئية دورية لحالة تنوع الكائنات في مصب لوكوس، وأبحاث في الاقتصاد الإقليمي لتقدير الأثر المضاعف لكل قطاع (مثلاً: ما تأثير زيادة 10% في عدد السيّاح على خلق الوظائف في الخدمات؟). هذه المعارف ستساعد على تصحيح المسار وتكييف الخطة حسب المستجدات.
في الختام، تُثبت حالة العرائش أن الاستثمار في الرأسمال الطبيعي ليس ترفًا بيئيًا، بل هو ضرورة تنموية مُلحّة. فبالنهج السليم، يمكن للطبيعة أن تكون قاطرة إقلاع محلي يُحسّن الاقتصاد ويصون الهوية ويحقّق العدالة الاجتماعية. التجربة بمدن مشابهة – كأصيلة المجاورة التي استفادت من مهرجانها الثقافي، أو موغادور/الصويرة التي دمجت التراث الطبيعي مع الفني – تؤكد قابلية النجاح. ولدى العرائش كل المقومات لتسير على خطى إيجابية وتتميّز بطريقتها الخاصة. فلنحوّل إذاً التحديات إلى فرص، ولنجعل من العرائش نموذجًا رائدًا لتنمية المناطق الساحلية المتوسطة الحجم في المغرب، حيث يتعانق الازدهار الاقتصادي مع استدامة الطبيعة وسعادة المجتمع.
قائمة المراجع (وفق APA7): نظرًا لطبيعة العرض، تم الاستشهاد بالمراجع مباشرة في المتن بطريقة مختصرة【رقم المصدر】. يتوفر لدى الباحث قائمة تفصيلية بالمراجع بأشكالها الأكاديمية (تقارير رسمية، دراسات علمية، مواقع إلكترونية موثوقة) يمكن تقديمها عند الطلب، وتتضمن على سبيل المثال:
-
Haut-Commissariat au Plan (2024). “Population légale du Royaume du Maroc... Recensement 2024”.
-
MAP Ecology (2023). “Agropole du Loukkos renforce l’industrie manufacturière...”.
-
Hespress (2016). “زراعة الفواكه الحمراء تزدهر بمنطقة اللوكوس”.
-
Industries.ma (2025). “ميناء العرائش: ارتفاع طفيف في مفرغات الصيد البحري 2024”.
-
Archaeology Magazine (2024). “Off the Grid – Lixus, Morocco”.
-
تقرير البنك الدولي (2023). “تأثير تآكل السواحل على اقتصاد المغرب”.
-
ويكيبيديا العربية: مقالات العرائش、المرجة الزرقاء وغيرها.
(لمزيد من التفاصيل وDOI للمصادر العلمية، يُرجى الرجوع إلى النسخة الكاملة من قائمة المراجع.)
jeudi 22 mai 2025
نادي الصورة
تاريخ نادي الصورة بثانوية مولاي محمد بن عبد الله بالعرائش
تأسيس النادي وبداياته
تأسس نادي الصورة في ثانوية مولاي محمد بن عبد الله بمدينة العرائش سنة 1974 على يد الأستاذ والفنان التشكيلي محمد البراق. جاء تأسيس النادي كمبادرة ضمن نشاط مادة التربية التشكيلية، وقد ساهم منذ بداياته في ضخ دماء جديدة في الحركة الفنية التشكيلية بالمنطقة ومنحها النبض والأمل. ضم النادي في انطلاقته مجموعة من التلاميذ الموهوبين الذين أصبحوا مفخرة للمؤسسة، حيث أبانوا عن قدرات إبداعية عالية وساهموا في أنشطة تربوية وفنية متنوعة حققت إنجازات هامة على مستوى الثانوية وعلى صعيد مدينة العرائش. كان النادي يُعرف أيضًا بكونه مشغلًا للفنون التشكيلية داخل الثانوية، وقد امتدت فترة نشاطه الأساسية من عام 1974 حتى أواخر الثمانينات. خلال هذه المرحلة رسّخ النادي ثقافة جمالية وفنية لدى الطلبة، وعمل على تنمية الذوق الفني وصقل المواهب الناشئة في الرسم والتصوير التشكيلي.
أنشطة النادي وبرامجه
ضمن أنشطته التربوية، شارك نادي الصورة في إصدار مجموعة من المجلات المدرسية الحائطية التي عُلّقت في ساحة المؤسسة لإبراز مواهب التلاميذ في الكتابة والرسم. من هذه المجلات مجلة «قنديل» باللغة الإسبانية (بمشاركة الأستاذ أحمد حكيم)، ومجلة «الشعاع» العلمية، ومجلات حائطية بعنوان «الشق» و**«بهلوان»** و**«الشجرة»** وغيرها. كما عمل أعضاء النادي على نشر ثقافة الفن التشكيلي خارج أسوار الثانوية أيضًا، بتنشيطهم للأندية التشكيلية في مدارس إعدادية وابتدائية مجاورة بغية توسيع نطاق الفائدة والتأثير الفني. ولم تقتصر أنشطة النادي على المدرسة فحسب، بل امتدت لتشمل المشاركة في التظاهرات الثقافية المحلية؛ فقد كان النادي حاضرًا في مهرجانات المدينة وفعالياتها الفنية، وساهم في إبراز اسم الثانوية من خلال عروض فنية ومعارض مصاحبة لأنشطة مثل الأسبوع الثقافي والسياحي للمدينة. هذه الأنشطة المتنوعة انعكست إيجابًا على تكوين شخصية التلاميذ الفنية، وأسهمت في اكتشاف وصقل العديد من المواهب التي واصلت دربها في ميادين الفن لاحقًا.
المعارض التي نظمها النادي أو شارك فيها
-
1976–1978: تنظيم معارض تشكيلية جماعية سنوية بمناسبة الأسبوع السياحي لمدينة العرائش، حيث عُرضت أعمال فنية للتلاميذ ضمن فعاليات تنشيط الموسم السياحي. وقد لاقت هذه المعارض إقبالًا كبيرًا من سكان المدينة والزوار آنذاك.
-
أواخر السبعينات: إقامة معرض للملصقات الفنية من إعداد أعضاء النادي بمناسبة انعقاد المؤتمر الإسلامي الرابع بمدينة الدار البيضاء عام 1974؛ كان الهدف من المعرض مواكبة المؤتمر والتعبير بالفن عن التضامن الإسلامي. كما نُظم في الفترة ذاتها معرض تشكيلي بتنسيق مع نادي الشبيبة والإسعاف التابع للهلال الأحمر بالعرائش، حيث عرض التلاميذ لوحاتهم دعمًا لأنشطة الهلال الأحمر.
-
1978–1980: تنظيم سلسلة معارض فردية داخل ساحة الثانوية لعرض أعمال روّاد نادي الصورة من التلاميذ الموهوبين، وكانت تصاحب هذه المعارض مقطوعات من الموسيقى الكلاسيكية العالمية لإضفاء أجواء فنية راقية. شكّلت هذه المعارض الفردية تجربة رائدة من النادي لإبراز المواهب الناشئة كلٌ على حدة.
-
1985: شارك بعض أعضاء النادي الذين تخرجوا في إقامة معارض خارج نطاق العرائش، مثل معرض التلميذ نور الدين السهولي في قاعة دولاكروي بطنجة في أبريل 1985، حيث عرض أعماله الفنية أمام جمهور أوسع في مدينة طنجة. يعكس هذا الحدث انتشار تأثير النادي خارج مدينته الأصلية.
-
1986: عودة المعارض إلى الهواء الطلق في العرائش عبر إقامة معرض فني مفتوح للتلميذ عبد اللطيف الرغيوي في ساحة ثانوية مولاي محمد بن عبد الله. تميز هذا المعرض بمشاركة الجمهور مباشرة في ساحة المؤسسة، ما أتاح تفاعلاً كبيرًا بين الفنان الناشئ والحضور.
-
1988: تنظيم أربع معارض تشكيلية متتالية داخل قاعة العرض بالثانوية لفائدة رواد النادي من التلاميذ الذين تخرجوا وأصبحوا فنّانين واعدين. شملت هذه المعارض أعمال كل من عبد السلام الفلوس، عبد السلام السايحي، نور الدين السهولي، وعبد الإله بنشقرون. وقد حظيت هذه التجربة بتغطية صحفية مهمة آنذاك بمشاركة الصحفي أحمد فاسي، مما يدل على صدى النادي الإعلامي في تلك الفترة.
-
أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات: شارك النادي وأسرة التربية التشكيلية بالإقليم في عدة تظاهرات فنية وثقافية على مستوى المدينة. من أبرزها معارض بمناسبة حفل توزيع جائزة لوركا التي أقيمت بكل من مدينتي العرائش والقصر الكبير احتفاءً بالعلاقات الثقافية الإسبانية المغربية. وكذلك ساهم النادي في تنظيم معارض بمناسبة الأسبوع الثقافي الأول والثاني تحت إشراف النيابة الإقليمية بالعرائش، حيث عُرضت أعمال فنية للتلاميذ ضمن برامج تنشيطية تربوية على مستوى الإقليم. كما نظم النادي معرضًا فنيًا بمناسبة توأمة مدينة العرائش مع مدينة ألمونيكار الإسبانية سنة 1992، وأُقيم هذا المعرض في قاعة فندق الرياض بالعرائش بحضور وفود من المدينتين التوأم.
-
1994: بمناسبة مرور عشرين عامًا على تأسيس نادي الصورة، تم تنظيم معرض جماعي كبير لروّاد النادي احتفاءً بهذه الذكرى. عُرضت في هذا المعرض أعمال وإبداعات أجيال مختلفة من أعضاء النادي منذ تأسيسه، وذلك في فضاء ساحة ثانوية مولاي محمد بن عبد الله. وقد صدر ملصق تذكاري خاص بالمعرض يحمل شعار عشرين سنة من العطاء الفني. شكّل هذا الحدث تتويجًا لمسيرة النادي خلال عقدين من الزمن وجسّد استمرارية تأثيره.
-
1997: تنظيم معرض تشكيلي وتربوي إقليمي لأعمال تلاميذ وتلميذات مدينتي العرائش والقصر الكبير. أقيم المعرض في البداية بساحة ثانوية مولاي محمد بن عبد الله بالعرائش، بتنسيق شارك فيه جميع أساتذة التربية التشكيلية بالإقليم. واستمر العرض على مدى أسبوع (19 إلى 25 دجنبر 1997) قبل أن يتم نقل المعرض كاملًا إلى قاعة المركز الثقافي البلدي بمدينة القصر الكبير لعرضه هناك أيضًا. هدف هذا المعرض المشترك إلى توسيع نطاق الاستفادة وإتاحة الفرصة لساكنة المدينتين لمشاهدة إبداعات التلاميذ.
-
2001: المساهمة في تنظيم المعرض التربوي الإقليمي لإبداعات التلاميذ لسنة 2001. تميز هذا الحدث بتعاون موسع، حيث عُرضت أعمال تلاميذ المؤسسات التعليمية في إقليم العرائش (العرائش والقصر الكبير) في فضاء ثانوية مولاي محمد بن عبد الله. وبعد نجاح المعرض محليًا، تم نقله لعرضه في قاعة المركز الثقافي بالقصر الكبير لمنح فرصة أكبر للجمهور في تلك المدينة للاطلاع على الأعمال الفنية للتلاميذ. عكس هذا المعرض روح الشراكة بين مختلف المؤسسات التعليمية وتتويجًا لجهود النادي في إشعاع التربية الفنية بالإقليم.
ملاحظة: بالإضافة إلى ما سبق، استمر النادي في دعم أنشطة ومعارض فنية أخرى حتى تقاعُد الأستاذ البراق أو انتقاله لمهام أخرى. بعض هذه المعارض نظمت بتعاون أو إشراف غير مباشر من الأستاذ نفسه بصفته مفتشًا ومؤطرًا جهوياً، مما حافظ على استمرارية روح النادي وإن لم يكن النشاط تحت اسمه مباشرة.
أبرز التلاميذ وأعضاء النادي
أسهم نادي الصورة عبر تاريخه في تخريج عدد كبير من التلاميذ الذين برزوا لاحقًا في مجالات الفن والثقافة. وقد تعاقبت على أنشطة النادي نخبة من شباب المدينة أصبحوا اليوم فنانين تشكيليين معروفين في المنطقة. من بين هذه الأسماء نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
-
عبد السلام الفلوس، عبد السلام السايحي، نور الدين السهولي، وعبد الإله بنشقرون: وهم من أوائل رواد النادي في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، وقد أقام كل منهم معارض فنية شخصية في إطار أنشطة النادي (كما في سلسلة معارض 1988) واستمر بعضهم لاحقًا في مشواره الفني الاحترافي. على سبيل المثال، نور الدين السهولي عرض لوحاته في معرض فردي بقاعة دولاكروي بطنجة سنة 1985 كما أسلفنا، مما يدل على انتقال موهبته إلى الساحة الفنية خارج العرائش.
-
عبد القادر الحرداف وحسن الكدالي وسعيد بوفتاس: وهم أيضًا من جيل الثمانينات في النادي. أتيحت لكل منهم فرصة تنظيم معرض شخصي داخل الثانوية أو في فضاءات فنية محلية بدعم من النادي. تميز سعيد بوفتاس مثلاً بإقامة معرض في ساحة الثانوية شهد حادثة شهيرة عندما تسببت عاصفة مفاجئة أثناء المعرض في بعض الأضرار، إلا أنها لم تثنِ عزيمة النادي عن الاستمرار في دعمه.
-
حكيم الحراق وعبد السلام الحراق: برز اسم حكيم الحراق كأحد خريجي النادي الذي واصل مشواره الفني وأصبح فنانًا تشكيليًا معروفًا محليًا (له مشاركات في معارض بالعرائش وغيرها). أما عبد السلام الحراق فقد انضم لاحقًا للطاقم التربوي وأسهم كأستاذ للتربية التشكيلية وصديق للأستاذ البراق في الإشراف على الجيل الثاني من النادي، حيث قاد تنفيذ جداريات وأنشطة فنية خلال أواخر الثمانينات وبداية التسعينات.
-
حسام الكلاعي: أحد تلامذة النادي الذي واصل دراسته الفنية ليصبح أستاذًا للتربية التشكيلية. عاد حسام ليقدم خبرته للأجيال الجديدة من خلال ورشات تدريبية (مثل ورشة برنامج أدوبي عام 2008). يجسّد حسام نموذج التلميذ الذي أصبح أستاذًا ويكمل رسالة أستاذه في نشر الثقافة التشكيلية.
-
عبد السلام الكلاعي: وهو من أشهر خريجي نادي الصورة لكن في ميدان مختلف، إذ أصبح مخرجًا سينمائيًا معروفًا على الصعيد الوطني. في مداخلة له عام 2018، استحضر عبد السلام الكلاعي سنوات شبابه في ثانوية مولاي محمد بن عبد الله وكيف كان ناشطًا في نادي الصورة ونادي التربية التشكيلية تحت إشراف الأستاذين محمد البراق ومحمد الحراق، مؤكدًا أن تلك التجربة رسمت مساره وحددت شغفه اللاحق بالسينما. شهادة الكلاعي تعكس التأثير العميق الذي خلفه النادي في نفوس أعضائه حتى ممن اختاروا فروعًا إبداعية مختلفة.
إلى جانب ما سبق، هناك العديد من الأسماء الأخرى التي ارتبطت بنادي الصورة وأسهمت فيه بفعالية على مر السنين، نذكر منهم على سبيل المثال: المصطفى لكريشي، عبد اللطيف بلعزيز، محمد الشعرة، الأمين الغشّام، عبد الواحد بنعبود وغيرهم من الفنانين والتربويين. لقد ترك هؤلاء بصمات واضحة سواء عبر الأعمال الفنية التي قدّموها أثناء فترة الدراسة أو من خلال مساراتهم المهنية بعد التخرج. وبشكل عام، يُعتبر جميع من مرّ عبر هذا النادي جزءًا من إرثه الفني والتربوي الذي استمر أثره لعقود.
الأستاذ المشرف محمد البراق
الأستاذ محمد البراق هو المؤسس والمشرف الرئيسي على نادي الصورة منذ إنشائه. وُلد البراق في إقليم العرائش وهو ابن قبيلة بني يسف بالمنطقة، وكرّس حياته لخدمة التربية والفن. بدأ مسيرته المهنية سنة 1974 كأستاذ لمادة التربية التشكيلية بمدينة العرائش، حيث عُيّن بثانوية مولاي محمد بن عبد الله في نفس العام الذي أسس فيه النادي. اشتهر بحماسه لنقل شغفه بالفن إلى طلابه، فأنشأ نادي الصورة كمشروع تربوي فريد هدفه صقل المواهب الفنية الناشئة وتفعيل الحياة المدرسية عبر الفن. لاحقًا، تمت ترقية محمد البراق ليشغل منصب مفتش لمادة التربية التشكيلية بإقليم العرائش، وظل رغم ذلك قريبًا من أنشطة النادي وموجهًا لها بحكم موقعه. وخلال مسيرته المهنية التي امتدت لأكثر من أربعة عقود في قطاع التعليم بالعرائش، تتلمذ على يديه جيل كامل من الفنانين والمبدعين.
إلى جانب دوره التربوي، يُعد محمد البراق أيضًا فنانًا تشكيليًا مرموقًا على المستوى المحلي. له إنتاجات فنية متنوعة من لوحات وأعمال إبداعية، وشارك في معارض فنية عدة داخل المغرب. من بين أبرز مشاركاته عرض أعماله في رواق برتوشي بمدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان ضمن فعاليات عيد الكتاب سنة 2013، حيث قدم خلاصة تجربة فنية راكمها عبر سنوات طويلة. وقد عبّر حينها عن سعادته بالمشاركة في ذلك المحفل الثقافي، مؤكّدًا استمراره في عطائه الفني حتى بعد تقاعده. عُرف البراق بتفانيه في عمله وبعلاقته الأبوية بتلاميذه، حيث لم يكن يكتفي بتعليمهم أساسيات الفن فقط، بل كان يشجعهم على الإبداع والابتكار ويصاحبهم في رحلة تنمية مواهبهم داخل وخارج أسوار المدرسة.
تقاعد الأستاذ محمد البراق من عمله الرسمي في التعليم حوالي سنة 2012 بعد مسيرة حافلة، لكنه استمر ناشطًا في الوسط الثقافي والفني. وقد كرّمته الأوساط التربوية والفنية في العرائش اعترافًا بإسهاماته الكبيرة في نشر الثقافة الفنية بين الشباب. في أواخر سنة 2020، فوجئت مدينة العرائش بنبأ وفاة الأستاذ محمد البراق عن عمر ناهز 68 عامًا. رحل تاركًا وراءه إرثًا عريقًا من العمل التربوي والفني؛ فقد قضى أكثر من أربعين سنة في خدمة التربية الفنية بالعرائش معلّمًا ومؤطرًا، وأسهم في تنشئة جيل من المبدعين الذين يحملون مشعل الفن في المنطقة. وسيبقى اسم محمد البراق مرتبطًا بنادي الصورة كرمز للعطاء والإبداع، حيث خلّد ذكراه من خلال كل لوحة أبدعها تلاميذه وكل موهبة صقلها لتشق طريقها في عالم الفن.
Historia del Club de la Imagen en el Instituto Moulay Mohammed Ben Abdallah de Larache
Fundación y comienzos del club
El Club de la Imagen fue fundado en el Instituto Moulay Mohammed Ben Abdallah de Larache en 1974 por el profesor y artista plástico Mohammed El Baraq. Su creación surgió como una iniciativa dentro de las actividades de la asignatura de Educación Plástica, y desde sus inicios contribuyó a dinamizar el movimiento artístico local, insuflándole nueva vida y esperanza.
Desde el principio, el club acogió a un grupo de estudiantes talentosos que se convirtieron en motivo de orgullo para el instituto. Estos demostraron grandes capacidades creativas y participaron en diversas actividades educativas y artísticas que marcaron hitos tanto a nivel del centro como en la ciudad de Larache. El club también fue conocido como el taller de artes plásticas del instituto, y su etapa de mayor actividad se extendió desde 1974 hasta finales de los años ochenta. Durante ese periodo, el club consolidó una cultura estética y artística entre los estudiantes, fomentando su sensibilidad visual y puliendo sus talentos en el dibujo y la expresión artística.
Actividades y programas del club
El Club de la Imagen desarrolló a lo largo de su historia una amplia gama de actividades educativas y artísticas. Entre las más destacadas se encuentran:
-
Talleres prácticos en distintas ramas del arte visual.
-
Murales artísticos elaborados por la segunda generación del club bajo la supervisión del profesor Abdessalam El Harraq, decorando los espacios del instituto.
-
Diseño de escenografías para eventos escolares y celebraciones teatrales.
-
Participación en la elaboración de revistas murales como "Qandil" (en español, con la colaboración del profesor Ahmed Hakim), "Al-Shu’aa", "Al-Shaq", "Bahlawan" y "Al-Shajara".
-
Difusión de la cultura artística en otras escuelas primarias y secundarias del entorno mediante la activación de talleres plásticos.
Además, el club tuvo una presencia notable en los festivales culturales locales, contribuyendo con exposiciones y actividades dentro de semanas culturales y turísticas organizadas en la ciudad. Estas acciones no solo reforzaron la identidad artística del alumnado, sino que permitieron descubrir y pulir numerosos talentos que más tarde siguieron su camino en el ámbito del arte.
Exposiciones organizadas o con participación del club
Organizar exposiciones de arte fue una de las mayores proezas del Club de la Imagen a lo largo de su trayectoria. El club desempeñó un papel pionero en la presentación de las obras de los alumnos y en su conexión con el público. Participó en numerosas exposiciones artísticas tanto dentro del instituto como en espacios externos, en coordinación con organismos culturales a nivel local y nacional.
Estas exposiciones representaron una oportunidad para dar visibilidad al talento juvenil y en ocasiones contaron con gran afluencia de público y cobertura mediática. A continuación, se detallan las principales exposiciones y eventos artísticos en los que participó el club desde su fundación:
-
1976–1978: exposiciones colectivas anuales organizadas con motivo de la Semana Turística de Larache, donde se expusieron obras de los estudiantes como parte del programa de animación estival.
-
Finales de los años 70: exposición de carteles artísticos elaborados por el club con ocasión de la celebración de la IV Conferencia Islámica en Casablanca en 1974; además, se organizó una exposición conjunta con el Club de Juventud y Socorro de la Media Luna Roja en Larache.
-
1978–1980: ciclo de exposiciones individuales de los miembros más talentosos del club en el patio del instituto, acompañadas de música clásica para realzar el ambiente artístico.
-
1985: Noureddine Essahouli, exalumno del club, organizó una exposición individual en la sala Delacroix en Tánger, lo que evidencia la proyección del club fuera de Larache.
-
1986: exposición al aire libre de Abdellatif Raghwi en el patio del instituto, con participación directa del público.
-
1988: serie de cuatro exposiciones consecutivas en la sala de exposiciones del instituto con obras de exalumnos ya convertidos en jóvenes artistas: Abdessalam Falouss, Abdessalam Saïhi, Noureddine Essahouli y Abdelilah Benchqroun, evento destacado también por la prensa local.
-
Finales de los 80 y principios de los 90: participación en eventos como la entrega del Premio Lorca (Larache y Ksar El-Kebir), las semanas culturales provinciales, y la exposición con motivo del hermanamiento de Larache con Almuñécar (1992), celebrada en el Hotel Riad.
-
1994: con motivo del 20º aniversario del club, se organizó una gran exposición colectiva de exmiembros en el patio del instituto, con cartel conmemorativo.
-
1997: exposición educativa regional conjunta de estudiantes de Larache y Ksar El-Kebir, presentada primero en el instituto y luego trasladada al centro cultural municipal de Ksar El-Kebir.
-
2001: participación en la exposición regional educativa de arte estudiantil, con obras exhibidas en Larache y posteriormente en el centro cultural de Ksar El-Kebir.
Nota: Aun después de la jubilación o traslado del profesor El Baraq, el club continuó apoyando actividades y exposiciones, algunas de ellas bajo su supervisión indirecta como inspector regional.
Principales alumnos y miembros del club
A lo largo de su historia, el Club de la Imagen formó a numerosos estudiantes que posteriormente destacaron en los campos del arte y la cultura. Entre ellos se encuentran:
-
Abdessalam Falouss, Abdessalam Saïhi, Noureddine Essahouli, Abdelilah Benchqroun: pioneros del club a finales de los años 70 y principios de los 80; cada uno tuvo exposiciones individuales dentro del club y algunos continuaron su carrera profesional en el arte.
-
Abdelkader Hardaf, Hassan Kaddali, Said Bouftass: generación de los 80; todos tuvieron la oportunidad de exponer en el instituto o en otros espacios, como Bouftass, cuya exposición se vio afectada por una tormenta repentina.
-
Hakim El Harraq y Abdessalam El Harraq: Hakim se convirtió en un pintor reconocido localmente; Abdessalam se integró más tarde como profesor en el mismo instituto y supervisó murales y actividades del club.
-
Houssam Kelai: exalumno que se convirtió en profesor de artes plásticas, impartiendo talleres como el de Adobe en 2008.
-
Abdessalam Kelai: exmiembro del club que alcanzó notoriedad nacional como director de cine. En una intervención en 2018, evocó cómo su paso por el club y el instituto forjó su vocación cinematográfica.
También formaron parte del club otros nombres como Mustapha Lakrishi, Abdellatif Belaziz, Mohammed Chaara, El Amine El Ghasham, Abdelouahed Benaaboud, entre otros, quienes dejaron huella en su paso por el arte o la educación.
El profesor supervisor: Mohammed El Baraq
El profesor Mohammed El Baraq, originario de la tribu Bni Ysef en la región de Larache, es el fundador y supervisor principal del Club de la Imagen desde su creación en 1974. Comenzó ese año como profesor de Educación Plástica en el Instituto Moulay Mohammed Ben Abdallah, y creó el club como un proyecto pedagógico innovador para canalizar el talento artístico de los estudiantes.
Posteriormente fue promovido al cargo de inspector provincial de artes plásticas en Larache, manteniéndose cerca de las actividades del club incluso desde su nueva función. Durante más de 40 años en el sector educativo, formó a generaciones de artistas y creativos.
Además de su labor pedagógica, El Baraq fue también un artista plástico reputado, con numerosas obras y participaciones en exposiciones, incluyendo su muestra personal en la galería Bertucci de la Escuela de Artes y Oficios de Tetuán durante el Festival del Libro de 2013. Declaró en esa ocasión su satisfacción por seguir creando incluso tras su jubilación.
Conocido por su entrega profesional y su trato paternal hacia sus alumnos, les inculcó la pasión por el arte, guiándolos dentro y fuera del aula. Se jubiló en 2012, pero permaneció activo en el ámbito cultural. En 2020, la ciudad de Larache lamentó profundamente su fallecimiento a los 68 años, perdiendo con él a uno de sus más ilustres educadores y artistas. El legado de Mohammed El Baraq vive en cada obra de sus alumnos y en cada vocación artística que ayudó a despertar.